Nadjida Oulhaci
Université Siddi Bel Abbes
ملخص
إن تعدد الوسائط التعليمية السمعية البصرية داخل الموقف التعليمي يتيح الفرصة لتعليم المهارات المطلوبة من خلال برنامج متكامل من الصوت والصورة والحركة واللون والمزج المتزايد للنص اللفظي والمرئي وإمكانية الدخول والتصفح بحرية؛ مما يحتم علينا مواكبة التطور التقني والاستفادة منه في مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها ،واكتساب مهاراتها المختلفة ، و التمكن من عناصرها اللغوية .ممّا يتماشى و تطبيق الطرق الحديثة في تعليم العربية للناطقين بغيرها .
الكلمات المفتاحية : الوسائل السمعية البصرية ، المهارات اللغوية ، اللغة ، طرق تعليم عناصر اللغة
Abstract
The multimedia audiovisual learning in the educational situation provides the opportunity to teach the skills required through and integrated program of sound ,image ,movement ,color,the increasing mix of text and visual and the possibility of entering and browsing freely ;which necessitates us to keep abreast of technological development and use in the field of teaching Arabic to others speakers , and knowledge of its linguistics elements . In line with the application of modern methods in teaching Arabic to non –Arabic speakers .
Keywords: audiovisual aids,language skills,language elements,methods of teaching Arabic to non –Arabic speakers
المقال:
يحظى تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها باهتمام كبير في عالمنا المعاصر ، و يستمد هذا الاهتمام من عدة مصادر ؛ منها ما يتعلق بمكانة اللغة العربية من العقيدة الإسلامية ، و كون معرفتها و البصيرة فيها تحتاج إلى ذلك ، و منها ما هو استراتيجي يرتبط بموقع الوطن العربي من خريطة العالم، و منها ما هو سياسي يتعلق بما يموج في هذه المنطقة من أحداث ، و ما يسودها من علاقات مع دول العالم قاطبة ، ومنها ما هو اقتصادي يتكئ على ما حبا الله – تعالى– به هذه المنطقة من ثروات و ما تحتله إمكانات الطاقة فيها من مكانة في توجيه سياسات الدول ، و منها ما هو ثقافي يرتبط بما يمتاز به الإنسان العربي من أخلاق و صفات توارثها عبر الأجيال .(1)
لذلك ينبغي أن تبذل الجهود للتعرف على أيسر الطرق و الوسائل التي تساعدنا على نشر هذه اللغة ووضع المناهج التي تتلاءم و تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها حتى يمكن أن يتعلم غير العربي اللغة العربية في وقت قصير و بمجهود أقل و بمستوى جيد .
و قد توصّل المهتمون بتعليم اللغات الأجنبية بشكل عام إلى قناعة أكيدة ، وهي أن حلّ المشكلات التعليمية يكمن فيما توفّره الوسائل، و الأساليب، و طرق التدريس من تسهيل للمُدْخَلات التربوية التي تناسب كل فرد من حيث ميوله ،و إدراكه ،و نموذجه التعليمي، مما دفع المؤسسات التعليمية إلى الاهتمام بتقنيات التعليم و الاتصال ، و إذا كان استخدام هذه الوسائل أمرا ضروريا بالنسبة للعلوم المختلفة نظرية أو تطبيقية فإن الأهمية تتضاعف في تعليم اللغات الأجنبية ، و في هذا الصّدد يشير الدكتور أحمد سالم إلى أهمية الوسائل التعليمية في وقتنا الحالي بقوله “ (لقد)باتت تمثل ضرورة و أمرا ملحّا لا يمكن الاستغناء عنه „(2)
و سنقتصر في حديثنا على الوسائل السمعية البصرية و دورها في تعليم العربية لغة ثانية ، و نقصد بها
تلك الوسائل التي تخاطب حاستي السمع والبصر معا في استقبال الرموز الصوتية اللفظية، والبصرية بوسائل وأدوات مختلفة مثل: أفلام السينما المتحركة، برامج التلفاز، أشرطة الفيديو والبرامج الحاسوبية والصور بكافة أشكالها مثل الشفافيات والرسوم التوضيحية والمجسّمة التي تعرض من خلال أجهزة عرض الشرائح مثل: البروجكتور(3) .
أمّا عن مبرّرات استخدام الوسائل السمعية والبصرية في تعليم العربية لغة ثانية فكثيرة نوجز منها ما يلي (4) :
1- أنها تمكن الطالب من اللغة الجارية بقدر كاف بالتركيز على لغة الحديث؛ لأن اللغة وسيلة اتصال مع وجود اختلافات في الاستعمال.
2 – تعوّد الطالب على الاستعمالات المختلفة للغة وعدم تزييف حقيقة الاتصال.
3-لابد من تغريب الدارس عن لغته الأم، ونزعه من بيئته الأصلية، والعمل على منع القياسات الدلالية بين اللغة الأم واللغة الهدف؛ والمقصود بتغريب الدارس هو إحاطته بكل ما يقربه من بيئة اللغة التي يتعلمها وإغراقه في جو اللغة الهدف ، ويتم ذلك بوسائل عديدة منها : إحاطته بكل ما يذكّره باللغة الجديدة من صور وعناصر ديكور، وأفلام ثابتة ومتحركة فيستطيع فهم اللغة دون اللجوء إلى الترجمة من اللغة الأم وإليها، ومن ثم يتحاشى الوقوع في الأخطاء الناجمة عن تدخل أنظمة اللغة الأم في أنظمة اللغة المراد تعلمها .
4- إن عمليات التذكر التي تحدث في دماغ الإنسان ، تكون أسرع عندما تقدم المعلومة بطرق مختلفة في وقت قصير ، حيث إن تفاعل الصوت و الصورة يساعد دماغ الإنسان في تحسين عملية التعلّم .
5- إن هذه الوسائل تقرّب المفاهيم المختلفة إلى ذهن الطالب لاسيما المبتدئين منهم ، ولذلك فإنه من الأهمية بمكان استخدامها وتوظيفها مع الأخذ في الاعتبار عدة نقاط منها: نوع الوسيلة – مستوى الطالب – طبيعة المادة المقدمة.
مما سبق ذكره نستشف أن استخدام الوسائل السمعية البصرية يتوافق مع الطرق الحديثة لتعليم اللغات الأجنبية ، ومن أشهرها أربعة ، و هي الطريقة المباشرة ، والطريقة السمعية الشفهية ، و الطريقة الاتصالية ، و آخرها الانتقائية ، و قد جاءت هذه الطرق كرد فعل على الطريقة الأقدم ألا وهي طريقة القواعد و الترجمة ، هذه الأخيرة التي كانت سائدة في تعليم اللغات إلى أن شن فيكتور فلهلم Wilhelm Victorالعالم الألماني في القرن التاسع عشر حملة معلنة على هذا المنهج الذي يركِّز في نظره على اللغات المكتوبة و كأنها المنطلق و الهدف ، و لا يراعي الطبيعة الصوتية للغة (5) ، فهذه الطريقة تجعل هدفها الأول تدريس قواعد اللغة الأجنبية ،و تقدم المفردات المستهدفة على شكل قوائم للحفظ، و زيادة على ذلك فهي تستخدم لغة وسيطة ، و من مساوئها أنها تنتج طلابا لهم قوة في القراءة و الكتابة والنحو و ضعف في الاستعمال و غياب للطلاقة ، و التفكير عندهم يكون باللغة الوسيطة ثم ينقلونه إلى اللغة الهدف ، في حين إنّ خبراء تعليم اللغة يؤكدون أن الأصل في المتعلم أن يؤدي اللغة و هو يفكر باللغة ذاتها ليوفّر الوقت ؛و ليكون الجانب الاتصالي فيما يقول أقرب للدقة و الصحة(6)
و يلخص لنا مولتون Moulton أهم المفاهيم التي جدّت في تعليم اللغات الأجنبية في ضوء الدراسات اللغوية في أن اللغة كلام و ليست كتابة ، و أنها بمجموعة من العادات ، و أنه ينبغي أن نعلّم اللغة لا أن نعلّم عن اللغة ، و أن اللغة هي ما يمارسه الناطقون بها فعلا ، و ليست ما يظن أنه ينبغي أن يمارس (7)
فكان لهذا التحول آثار بعيدة في عدد كبير من طرق تدريس اللغات ،و أصبحت أكثر الطرق المعاصرة تعطي اللغة المنطوقة مكانها في تعليم اللغات القومية و الأجنبية ،وتهتم بالوظيفة الاتصالية للغة ، و كل هذا من أجل الوصول بالدارس إلى المهارات اللغوية المستهدفة ، و تجاوز طريقة التلقين المباشر للقواعد اللغوية (8) .و قد ساعد على هذا ،التطور الهائل في العلم و التكنولوجيا الذي لم يجعل الاتصال بين شعوب الأرض أكثر يسرا فحسب ، بل أتاح استخدام أساليب في التعليم لم يكن بالإمكان استخدامها من قبل ، كظهور الطباعة الحديثة ، والمسجلات الصوتية ، و الإذاعة ،و المختبر اللغوي ،و التلفاز ، و الفيديو .
و عرفت الطريقة الأولى بـالمباشرة ، و تعتبر أول ردّ فعل حقيقي على الطريقة التقليدية؛ إذ لم يعد الأمر قاصرا على قراءة النصوص الأدبية لكبار الكتاب بل اتجه تعليم اللغات الأجنبية إلى اللغة التي يتحدثها الناس في حياتهم اليومية ، و هي تعتمد على الربط بين الكلمات والجمل في اللغة الأجنبية دون أن يستخدم المعلم وتلاميذه اللغة الأم، تقوم هذه الطريقة على عدد من المداخل أهمها: “ أن متعلم اللغة يمكن أن يتعلم منذ البداية أن يفكر بوساطة اللغة الهدف (الأجنبية) عن طريق “ربط الموضوعات والأشياء والمواقف والأفكار ربطـًا مباشرًا بما يطابقها أو يماثلها من الكلمات أو المصطلحات، وهي تقدم مهارة الحديث على مهارة القراءة“ (9)كما إنها تهتم بالطلاقة أكثر من اهتمامها بالصحة اللغوية ، دروسها تكون أقرب إلى الواقع ، لكنها تحتاج إلى معلم عنده خبرة في أداء هذه الأنشطة، و توزيعها لتحقق أهدافها ، و ليس كل معلم قادر على أن يؤدي هذه النتيجة بدرجة صحيحة و عالية ؛فالمعلم يحتاج إلى بعض الوسائل المعينة ، و خاصة السمعية البصرية.
و لعل أكثر الطرق إفادة من الوسائل السمعية البصرية ما يعرف بالطريقة السمعية الشفهية فمن اسمها يتبين أنها تهتم بمهارتي السمع و الكلام ، و تقوم هذه الأخيرة على إغراق الطالب بالمواد المسموعة ،و تكرارها إلى أن يصل إلى حفظها ومن ثم التحدث بها ، فهي تجعل الطالب يعيش في بيئة قريبة من البيئة العربية و يستمع إلى نصوص عربية في مختلف المواقف و بطبيعة الحال فهي تتكئ على الوسائل السمعية البصرية ، و تعتمد عليها كبير اعتماد كملفات الفديو ، و الشرائط المسموعة ،الإذاعة ، الأفلام ، وغيرها ….فباستخدام هذه الوسائل التعليمية و المعينات السمعية البصرية يتمكن الطالب من ممارسة اللغة ممارسة فعلية و بصورة طبيعية ، وهي تعتمد على الترداد للحوارات في مختلف المواقف إلى الحفظ و الاستعمال ، و هذا يتفق كثيرا مع التعلم الطبيعي للغة الذي يبدأ بالاستماع ثم التحدث ، وعلى خلاف الطريقة النحو و الترجمة فالطالب يتمتع بقدرة على التواصل ، و تكون له طلاقة لغوية (10).
و رابع هذه الطرق عرفت بـــ „الاتصالية “ و هي تركز على استخدام اللغة في مختلف الأغراض ،وترى أن تعلّم اللغة يكون عن طريق المواقف الحية : المطار ،السوق ، المطاعم …وتهتم بالجانب الوظيفي للغة و الذي هو الاتصالي لذا فاهتمامها بالطلاقة قوي و أسلوبها يقوم على الأسلوب التعاوني لإدارة تلك الحوارات المفيدة في تعليم اللغة ، و هي تتمحور حول الطالب لا المعلم فغالبا تكون في فصول ليست كبيرة(11) .و قد جاءت هذه الطريقة نتيجة للتطورات المستجدة في النظريات اللغوية خصوصا النظريات المعرفية و علم اللغة الاجتماعي و انعكاساتها على تعلم اللغات الأجنبية . ثم هناك أيضا تزايد الشعور بالحاجة إلى تعلم لغات أخرى بعد ثورة الاتصالات و ثورة المعلومات اللتين كسرتا احتكار تعلم هذه اللغات من قبل جماعة معينة دون غيرها ، و أخيرا ظهور التقنيات الحديثة و سرعة و سهولة تداولها و استخدامها .
ومن خلال عرضنا لهذه الطرق الثلاثة ، نلاحظ أنها تشترك في أمور ثلاثة أولاها أنها– تخدم الاتصال أكثر و ثانيها أن التفكير يكون باللغة الهدف ، أما ثالثها فيتمثل في عدم استخدام اللغة الأم أو الوسيطة ، و لتحقيق نتائجها المرجوة تحتاج إلى الوسائل التعليمية خاصة السمعية البصرية، و الملاحظ أن هذه الطرق الثلاثة هي الغالبة على تعليم اللغات العالمية ، في حين يغلب على تعليم اللغة العربية طريقة القواعد و الترجمة .
و لكل طريقة سلبياتها و إجابياتها ، لهذا جاءت الطريقة الخامسة و المسماة بالانتقائية ، يرى أصحابها أنه لا توجد طريقة مثالية تماما أو خاطئة تماما ، و هي تقوم على الانتقاء من الطرق السابقة حسب المناسبة أو الظروف ، ولا توجد طريقة تناسب جميع الأهداف و جميع المعلمين و الطلاب و جميع البرامج و جميع البيئات ، و المهم هو التركيز على المتعلم و جاجاته و ليس الولاء لطريقة معينة (12) .
من خلال سرد هذه الطرق الحديثة نجد أنها تركز على اللغة الهدف ، و التكنولوجيا الحديثة تساعد كثيرا في بلوغ هذه الأهداف ، لذا ينبغي أن نركز عليها و نستغلها إذا أردنا النهوض فعلا بتعليمية العربية للناطقين بغيرها .
إذن للوسائل السمعية البصرية دور مهم في تعليم اللغة العربية ، ولندرك بشكل عملي أهمية تلك الوسائل في تعليم عناصر العربية من (أصوات ومفردات وتراكيب)، ومهاراتها اللغوية المختلفة (استماع – تحدث – قراءة وكتابة ( وسنوضح ذلك بالتفصيل على النحو التالي:
-
تعليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم عناصر العربيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
أولا: الأصوات : إجادة نطق الأصوات هو المدخل الصحيح لتعليم اللغات ،و الطالب إذا أجاد نطق الأصوات تكون له الشجاعة في الكلام لأنه لا يقرأ في وجوه السامعين بعض الاستنكار. و أصوات اللغة محدودة ينبغي أن يتعلّمها الأجنبي كلّها سواء أكانت شائعة أم لا ، في حين لا يمكن تعليمه جميع مفردات اللغة و تراكيبها ؛ إذ يكون التركيز على الشائع و المستخدم منها فقط .
و أصوات اللغة العربية تتميز بالثبات و اتساع مدرجها الصوتي ،و على معلِّم اللغة العربية أن يقسم أصواتها إلى قسمين :الأصوات الصعبة على الأجنبي ، وهي التي لا توجد في نظامه الصوتي مثل :ض، ص ، ق …،و الأصوات السهلة و المألوفة لديه كاللام ، والميم ، و النون … وبطبيعة الحال يكون التركيز على الفئة الأولى ويهتم بها أكثر من الثانية .
و التدريب على نطق الأصوات ينبغي أن يمر على ثلاثة مراحل : 1- تدريبات الصوت و التعرف على الصوت منفردا في كلمات ، و يستحسن أن تكون من أسماء الأعلام كي لا ينشغل المتعلم بملاحقة بالمعنى .2- تدريبات التمييز الصوتي، و فيه يميز الصوت الهدف من الصوت الذي يبدل به ، أو الأقرب منه في لغة المتعلم الأصلية .فيجعل على شكل ثنائيات صغرى ، مثل :علم/ ألم – حان/ هان –ساحر/ ساهر… 3- التدريب الصوتي، و وضع الصوت في سياق تام قد يكون جملا عادية، أو أقوالا، أو آيات ..و في مختلف هذه التدريبات ضروري الإفادة من الوسائل السمعية والبصرية في تعليم وتعلم أصوات اللغة العربية، و الاعتماد على المسجلات الصوتية ؛ فحتى يدرك المتعلم الأجنبي الفرق بين الأصوات يمكن أن يشير المعلِّم إلى الصورة الدّالة على الصوت المراد تعليمه مثل: (قلب –كلب)، و (باقون–باغون)، و (هوى – حوى)، . ومن ثم يعرف الطالب الأصوات المختلفة ويدرك الفرق بينها من خلال الصورة المعبرة عن الصوت (13).
ثانيا: المفردات : من اللازم لدارس اللغة العربية من الناطقين بغيرها ، أن يمتلك قاعدة واسعة من المفردات العربية تمكنه من الوصول إلى مستويات متقدمة و متفوّقة ؛ إذ أن لهذه المفردات الدور الأساس في تواصله اللغوي استقبالا ، و إنتاجا . و هناك أساليب كثيرة لغوية وغير لغوية في تقديم المفردات للدارس الناطق بغير العربية ، تتمثل الأساليب اللغوية في :الشرح بالمرادف، أو تقديم المفردات في سياق لغوي ، أو شرح الكلمة بإيراد مشتقاتها ، أو استخدام بطاقة المفردات …أما الأساليب غير اللغوية ، فتكون إمّا بالتمثيل الحركي و التعبيرات الجسدية (تمثيل الأدوار)، أو بالصور و الرسومات ، أو إحضار المجسمات (14) و هنا يظهر دور الوسائل السمعية البصرية خاصة في الأساليب غير اللغوية .
ثالثا: التراكيب : في تدريس التراكيب العربية يجدر الإشارة إلى ضرورة التفريق بين تدريس القواعد النظرية (قواعد اللغة : المبتدأ ، و الخبر، والفعل، والفاعل، ….و أحكامها الإعرابية ) ،و التراكيب العملية أي الوظيفية و التي نعني بها استخدام القواعد في الحديث اليومي مثل : هل هذا كتابك؟نعم هذا كتابي…و يجب أن نعلِّم المبتدئ التراكيب الوظيفية أمّا القواعد النحوية المجرّدة فتترك للمتقدّمين .أمّا عن الأساليب التي تقدم بها هذه التراكيب فيمكن الاعتماد على عدة مداخل ، كالمدخل الوظيفي بتقديم أمثلة مقصودة و مباشرة، أو مدخل النص الأدبي المتضمن للقاعدة النحوية ،و التراكيب المطلوبة ، أو اللجوء إلى الطريقة الاستنتاجية في استنتاج القاعدة من الأمثلة ، أو العكس الإتيان بالقاعدة و قياس الأمثلة عليها فيما يعرف بالمدخل القياسي .و هناك أساليب أخرى مثل أسلوب التعلم التعاوني ، و أسلوب تمثيل الأدوار ، و أسلوب حلّ المشكلات (15) ، و في هذه الأساليب يتوجب الاعتماد على الوسائل السمعية البصرية لما لها من أهمية كبيرة في تدريس التراكيب النحوية حيث تساعد المتعلمين في التفريق بين التراكيب المختلفة.
– 2تعليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم العربية ومهاراتها اللغويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
أولا : مهارة الاستماع : للاستماع أهمية واضحة؛ فهو فن ترتكز عليه كل فنون اللغة؛ من تحدث، وقراءة، وكتابة ، وهذا الذي يدعو أن يكون نصيبه في برامج تعليم اللغة نصيبا وافيا يؤدي الهدف المرجو منه. خصوصا في المستويات الأولى, وخاصة في الأسابيع الأولى من دروس الاستماع, حيث لا يستطيع المتعلمون القراءة ولا الكتابة. ولا يملكون رصيدا لغويا معتبرا, خصوصا وأن الإنسان يحتاج إلى رصيد لغوي أكبر، وهو يمارس الكلام والكتابة، على حين أنه يحتاج إلى رصيد أقل من اللغة، وهو يمارس الاستماع و القراءة, و في بداية درس فهم المسموع يكون الدارس لا يفهم المكتوب و لا المقروء و لا يستطيع الكلام ، فالبداية تكون من الاستماع ، فيقدم المدرّس مواد مسموعة مناسبة لمستوى الدارسين ، يبدأ بالاستماع إلى نطق الأصوات اللغوية ، ثم المفردات ثم الجمل ، ثم يستمع إلى مقاطع صوتية بطيئة وصولا إلى المقاطع الصوتية الكبيرة و السريعة (16).
وأهم المعينات المستخدمة في مهارة الاستماع التسجيلات الصوتية ،ومقاطع الفيديو المتوفرة على كثير من المواقع التعليمية، وكذلك مختبر اللغات. و يمكن للمعلّم أن يستعين بالمعينات البصرية والصور الثابتة ، والرسومات التخطيطية، وتمثيل الأدوار والإشارات والرموز لأنها تشجع الطالب على الاستماع،و تربط ما يستمع إليه الطالب بواقع الحياة، كما تساعده على فهم المعنى.و يمكن توفير الرسومات التوضيحية التي تبين الظواهر الصوتية في اللغة المنطوقة مثل التنغيم والنبر .
ثانيا: المحادثة والتعبير الشفوي:
لكي يعلّم المدرِّس طلابه مهارة الكلام لابد أن يشجعهم على المبادرات، و الإبداعات، و الابتعاد عن الحياء ، و تحبيبهم الطلاقة اللغوية و التحدث بثقة ، بل إن المدرِّس الناجح هو الذي يضع طلابه في موقف يضطرُّهم إلى البحث عن الكلمات ،و العبارات المناسبة للموقف . و قد ذكر بعض الباحثين أن هناك مراحل لتعليم مهارة الكلام ؛ كأن يبدأ المعلِّم بحوارات لها إجابات محدّدة ، ثم يتدرج إلى أسئلة لها إجابات مفتوحة ، ثم يعمد إلى التعبير المقيد يمكن من خلاله تقديم صور تحتوي على أشياء متعددة، و يسأل المتعلم على محتوى هذه الصور، ثم تأتي مرحلة التعبير الحر – و في هذا النوع لا يحدّ الإنسان حدود في التعبير عما يجول بخاطره– كأن يطلب من المتعلِّم أن يصف طريقة العيش في بلده ، أو أن يتحدث عن رحلة قام بها إلى مكان ما .
ومن أساليب تنمية مهارة الكلام : الاستماع إلى متحدثين لبقين ، تنمية المفردات العربية و ما يرتبط بها من قواعد ، و كذلك التدرّب المستمر على مهارة التحدث و ممارسته باللغة العربية ، ناهيك عن استخدام وسائل تحدّث فاعلة ، و تسجيل المتعلِّم حديثه باللغة العربية ليعرف نقاط القوة فيه فيدعمها ، و نقاط الضعف فيتجنبها (17) .
إن الوسائل السمعية والبصرية تساعد المتعلم على ممارسة مهارة الكلام، فالصورة تفيد المتعلمين في فهم الحوارات المختلفة؛ لأنها تجعل معاني المفردات الجديدة واضحة جلية في الأذهان ،و الصور الفوتوغرافية مناسبة في فهم تلك الحوارات لأنها ذات قدرة عالية على توضيح الملامح المختلفة لحضارة وثقافة اللغة الهدف،و في بعض البرامج يمكن للمتعلِّم الدخول في حوار مباشر مع البرنامج حيث يتلقى المتعلم السؤال ومن ثم يَردُّ عليه شفويا بتسجيل صوته عبر الميكرفون ،وبعدها يتلقى التغذية الراجعة عن أدائه. كما تتيح شبكة إلانترنت مواقع للتدرّب على المحادثة بالتواصل مع الطالب بالصوت والصورة من مختلف البلدان، ومناقشة موضوعات مختلفة، وتبادل الآراء فيما بينهم (18). فاستخدام الحاسوب وإلانترنت في تدريس المحادثة يجعل المعاني حاضرة في أذهان الطالب، ويجذب انتباههم نحو الدرس، ويشجعهم على الكلام، ويمدّهم بمفاهيم وتصورات تدفعهم نحو التعبير الشفوي مما يطوّر من مهارة التحدث ويزيل الخوف الذي ينتاب بعض الطلاب .
ثالثا : تدريس مهارة القراءة : إن القراءة هي من أعظم المهارات اللغوية ، و هي الوسيلة الوحيدة التي نلجأ لها عندما يتعذر الاتصال المباشر عن طريق الكلام ؛ فهي تسهّل لنا استقاء المعلومات من مصادرها ، وتزوّدنا بمعلومات جديدة ..و نتيجة لذلك يجب التركيز على تدريب المتعلِّمين فهم ما يقرؤونه، و فهم الأفكار الرئيسة و الجزئية من النص ، و يجب أن يربطوا معلوماتهم القرائية بحياتهم اليومية .. و لتنمية مهارات القراءة يمكن اتّباع الوسائل الآتية : اختيار نصوص قرائية حقيقية ، مثل الصحف و لوحات الإعلان، و التدرّب على مهارة القراءة الوظيفية مثل قراءة الروشتات و الإرشادات ، و يٌفضَّل في البداية قراءة نصوص معها صور توضيحية مثل القصص المصوّرة ، و الاطّلاع على بعض اختبارات مهارات القراءة المتاحة في بعض برامج أو مواقع تعليم اللغة العربية و الإجابة عنها (19) .
إن للوسائل السمعية والبصرية دورا مميزا في تدريس مهارة القراءة؛ فهذه الوسائل توضّح معاني الكلمات والجمل والتعبيرات الجديدة؛ وهي التي تعطي الإحساس بسياق النص المقروء وتُشكِّل خلفيته، وتـُمثِّل محور تركيزه، كما يمكن الاستفادة منها في عرض صفحات من الجرائد والمجلات العربية على الدّارسين للقراءة والتّعليق ،أو عرض الصور ذات الطابع الحضاري المميِّز للوطن العربي والإسلامي مثل: طوابع البريد والعملة والتذاكر ، أو عرض الموضوعات الإنشائية المصحَّحة لتوضيح الأخطاء العامة في التهجئة والترقيم وغيرها. كما يمكن عرض القواميس العربية لشرح مداخل الكلمات، والاستفادة من المعلومات الخاصة بالنطق والاستخدام وأصل الكلمات.و في هذا الصدد يشير عبد الوكيل الفار إلى إمكانية توافر بعض البرامج التي تساعد الطلاب على حفظ القصائد، و الأقوال، والأحاديث، والنصوص و ذلك بأن يعرض النص وتمحى بعض الإيحاءات تدريجيا، أو يزوَّد الطالب بعد كل محو تدريجي بالإجابة الصحيحة (20) .
رابعا : تعليم مهارة الكتابة : هي من المهارات اللغوية العليا بعد القراءة ، و هي تؤخذ بقصد و إرادة و ليس اكتسابا كما هو الحال في المهارات الشفهية ، و تعد الكتابة الرابط العالمي بين الأمم و الشعوب ، فيستخدمها الملايين من البشر في الصحف و المجلات و الكتب و الرسائل و الإعلام ..، و على متعلِّم الكتابة أن يبدأ برسم حروف اللغة العربية و تهجئتها ، و نطقها بطريقة سليمة صحيحة ، و يتعلَّم أيضا علامات الترقيم، و الحروف المتصلة ،و المنفصلة، و رسم الحركات على الحروف، و الهمزات ثم يتدرج شيئا فشيئا حتى يصبح كاتبا ماهرا .و لكي يصل الدارس إلى مرحلة إتقان هذه المهارة لابد من جهد مكثّف و إعطائها وقتها الكافي ، فيبدأ بالجملة ثم الفقرة ثم الكتابة الحرة .مع الحرص الشديد على اختيار موضوعات تلائم الطلاب و توافق حاجاتهم و اهتمامهم (21) ،وفي كل هذه الخطوات يمكن الإفادة من الوسائل السمعية البصرية، و يشير أبو نصر البغدادي إلى وجود برامج حاسوبية لمعالجة النصوص في الكتابة كالتصحيح الفوري والتدقيق الإملائي، والترجمة، واستخدام مختلف أنواع الخطوط، وحفظ الصفحات، وإمكانية تعديل الكلمات وتبديلها وتنسيقها. وكذلك التحكم بالفقرات والمسافة بين السطور، وعدد السطور في الورقة. كما أن عملية التخزين تتيح للمتعلم إعادة تفحّص النص الذي كتبه وإجراء التعديلات عليه والاحتفاظ بالنسخ القديمة منه؛ وذلك لتفحّص التعديلات العديدة التي تــــمّتْ عليه (22) .
و من النتائج المتوصل إليها نذكر :
– ضرورة الإلمام بطرائق تدريس اللغة العربية الحديثة للناطقين بغيرها مع مراعاة المدرسين خصائص كل طريقة ، و استثمار الوسائل السمعية البصرية في تدريس عناصر اللغة العربية و مهاراتها لتقديم دروس اللغة العربية بيسر و سهولة ، و إعداد برامج لتعليم العربية عن بعد و التخطيط لها من قبل متخصصين .
– اختيار الوسيلة التعليمية المناسبة التي تحقق الأهداف العامة و الخاصة للدرس ، فيمكن استخدام الوسيلة الواحدة لأكثر من هدف .
– الوسائل السمعية البصرية تجعل العملية التعليمية أكثر عطاء من خلال زيادة معدل التعلم ، فهي تقدم للمتعلم تجارب هامة وواقعية قد يتغاضى عنها المعلّم ، و لا يسمح وقته بتقديمها .
– تجعل العملية التعليمية عملية مباشرة فهي تلغي الفجوة بين عالمين داخل و خارج أقسام الدراسة من خلال التجربة النهائية التي توفرها هذه المصادر زيادة على أنها تجعل تحقق التعلم متكافئا لجميع الدارسين أينما كانوا فالوسائل و المواد السمعية البصرية المختلفة كالتسجيلات الصوتية ،و المرئية، و الصور الثابتة، و الأفلام يمكن نقلها بسهولة .
هوامش الدراسة :
1-ينظر صالح بن حمد السحيباني،تصور أولي مقترح لمشروع تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها لأغراض خاصة (أعضاء البعثات الدبلوماسية في مدينة الرياض) مجلة العربية للناطقين بغيرها،ع11، معهد اللغة العربية– جامعة إفريقيا العالمية4،السودان ،يناير2011، ص: 117و118 .
2- سالم،أحمد محمد، تكنولوجيا التعليم و التعليم الإلكتروني، ،الرياض،مكتبة الرشد، 2004 ، ص :23
3-ينظر ربحي عيلان و محمد الدبس،وسائل الاتصال و تكنولوجيا التعليم،دار صفاء للنشر و التوزيع،ط2،عمان– الأردن،2003، ص: 291 .
4- ينظر نجيب بخوش ،استخدامات الوسائل السمعية البصرية في العملية التعليمية،مجلة دفاتر المخبر، ع 5،الأغواط الجزائر ، 2009 ، ص: 189
5-ينظر محمود فهمي حجازي، البحث اللغوي،دار غريب للطباعة،القاهرة، ص: 131 .
6- ينظر نصر الدين إدريس جوهر، طرق تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها ، مجلة لسان عربي، إندونيسيا ، 2012
7- ينظر أيريك قسبانظونو، فعالية الطريقة السمعية الشفهية لترقية مهارة الكلام العربية، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية الحكومية مالانج ، أندونيسيا، 2007، ص: ح
8-ينظر المرجع نفسه، ص: 131 و 132 .
9- ينظر نايف خرما و علي حجاج ، اللغات الأجنبية تعليمها و تعلّمها ،عالم المعرفة، الكويت ، 1978، ص: 159
10- ينظر عبد الرحمن بن إبراهيم الفوزان. دروس الدورات التدريبية لمعلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها ، العربية للجميع، 1424، ص: 29.
11– ينظر المرجع نفسه ، ص 30.
12- ينظر المرجع نفسه، ص: 43 .
13- ينظر فارس البدر محمد مشوق،استراتيجيات حديثة في تعليم عناصر اللغة العربية للناطقين بغيرها و مهاراتها، مجلة وقائع المؤتمر الوطني العربي،، ع3، مالانغ – أندونيسيا،2017، ص:9و10 .
14 – ينظر المرجع نفسه، ص:11و12و13 .
15- ينظر المرجع نفسه، ص: 14 .
16- ينظر المرجع نفسه، ص: 15 .
18- ينظر زكي أبو النصر البغدادي، توظيف تكنولوجيا الوسائط المتعددة في تعليم اللغة العربية عن بعد ،مجلة العلوم الإنسانية، ع43، المملكة العربية السعودية ، 2015ص: 83 .
19- ينظر فارس البدر محمد مشوق،استراتيجيات حديثة في تعليم عناصر اللغة العربية للناطقين بغيرها و مهاراتها،ص: 17و18 .
20- ينظر إبراهيم عبد الوكيل الفار: تربويات الحاسوب وتحديات مطلع القرن الحادي والعشرين،القاهرة، دار الفكر العربي،2004، ص: 54 .
21- ينظر فارس البدر محمد مشوق،استراتيجيات حديثة في تعليم عناصر اللغة العربية للناطقين بغيرها و مهاراتها،ص: 19و20 .
22- ينظر. زكي أبو النصر البغدادي، توظيف تكنولوجيا الوسائط المتعددة في تعليم اللغة العربية عن بعد ،ص: 81.