Dr. Said BENAMEUR
Université Tlemcen
ملخص المقال:
يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على واحدة من الإشكاليات التي تواجهها الترجمة في علاقتها باللغة لاسيما المترجم منها و ما يتصل بها من مصطلحات صعبة و نادرة الاستعمال.
الأمر الذي يجرنا للحديث عن نوع خاص من الترجمات و التي أقل ما يقال عنها أنها تقنية لها خصائصها المميزة. و لعل المهمة في غاية الحدة و التدقيق بالنسبة للمترجم حيث إنه يتعامل مع لغة المنطق و التي غالبا ما تكون متخصصة ذات معجم استثنائي قد لا نجد له مقابلات مما يدفع إلى التكيف و التصرف ببعد احترافي و فعال.
إن الترجمة التقنية و ما يميزها من أسلوب اصطلاحي تجعل المترجم في أمس الحاجة إلى البحث في كل الآليات و الإجراءات التي يجب توظيفها لفك شفرة و معاني المصطلحات من أجل إيصال الأفكار و بالتالي تسهيل عملية الفهم و الاستيعاب.
و إذ نتكلم عن المصطلح فإننا نصطدم لا محالة بجملة من الإشكالات التي يطرحها، ذلك أنه يشمل اللفظ أي الدال و المعنى أي المدلول هذا في مستوى الأول، أما إذا تعداه إلى ما هو أكبر لما انتقلنا إلى ما يعرف بالمصطلحية أو علم المصطلح و الذي لا يكتف بدراسة المعنى الذي يشير إليه المصطلح في جانبه الظاهري و إنما يجتازه إلى ما هو مفهوم خفي يدرك بين السطور و أثناء الاستعمال السياقي.
و لبلوغ هذا الهدف يجد المترجم نفسه أمام حتمية الاستعانة ببعض الآليات و التي نذكر منها: التأويل Interpretation – النحت Clipping – الاقتراض Borrowing – الاشتقاق Derivation – التوليد Breeding – التكافؤ المطلق و النسبي Absolute and relative equivalent – التأقلم Adaptation- و التحويل Modulation.
و غيرها من التقنيات التي من شأنها تذليل الصعاب و إيجاد الحلول، و كما سبق و أن أشرنا، فإن هذه المصطلحات تقترن بلغة التخصص التي تحوي زخما من المفردات و التعابير الاصطلاحية ترتبط بموضوع من المواضيع ذات الطابع التقني، مثل لغة الطيران التي اخترتها لتكون مدونة البحث و التي لا يعرفها إلا أصحابها من أهل الاختصاص.
فيصعب فهمها حتى في اللغة المصدر Source language فما بالك في لغة الهدف أي بعد الترجمة.
إن بحثنا هذا و إن يبق محاولة متواضعة لإبراز جوانب كثيرة لهذه الإشكالية فإننا نتمنى أنه يسعى لإماطة اللثام عن قضية هامة من قضايا الترجمة التي تشكل منعطفا صريحا في تبيان مدى احترافية و حنكة المترجم في التعامل مع هذا النوع من الترجمات الأمر الذي من شأنه توسيع رقعة الاستعمال اللغوي عامة و المتخصص على وجه الخصوص.
كلمات مفتاحية:
الترجمة – الإشكالية – الترجمة التقنية – المعجم المتخصص – لغة التخصص – الإجراءات و الآليات – المصطلح و المصطلحية – فك الشفرة – لغة الطيران.
Summary:
This research would shed light on one of the problems that do face translation related to language, especially that of source one.
It is mostly linked to so scarce and harsh terms to be used.
This would certainly lead us to speak about one specific type of translation.
It’s that of “technical” which has got some typical characteristics.
It’s so obvious that the mission is so hard and crucial for the translator as he does deal with this language of source text that encloses an exceptional lexicon (lexis) that can be untranslatable.
This would probably push the translator to use his own capacities and knowledge to find out the solution.
“Technical translation” has got a typical style rich of terminology that’s why the translator must fetch for some procedures and techniques so as to decode the meaning of all given terms and concepts and so transmit the real ideas that should be well and clearly grasped.
It’s also evident that when we talk about terms and concepts we do face a lot of problems which can be divided in two parts: terms and terminology (science of terms) we do study the two faces of terms i,e the denotative and the connotative ones (terms and concept). We do also focus on the context in which the terms or the concept is used in order to reach such an aim, the translator is obliged to come back to some techniques and procedures that may help him or her coping with those technical terms and from which we do state: interpretation – clipping – borrowing – derivation – breeding and generating – absolute and or relative equivalent – adaptation – modulation …..etc.
As we had already mentioned, these terms and concepts are strictly linked to a specialized language which encloses a big set of expressions or at least words that are deeply technical and related to a given theme as the case of the language of aviation that I chose to be the corpus of the study. It’s not widely known except for those who are specialized at. Thus, it’s not easily understandable and needed to be carefully and efficiently translated.
This research even if it remains a modest attempt to clear up many aspects of the raised problematic, we do hope that it does aim at studying a so vital point of translation which unveils the qualifications of the translator who wisely deal with this kind of translations on purpose to widen the use of language mainly that of specialized.
Key-words: Translation – Problematic – Technical translation – The specialized lexicon – The specialized language – Procedures and techniques –The term and terminology – Decoding – The language of aviation.
خطة المقال:
- مقدمة.
-
الجانب النظري:
-
تعريف الترجمة لغة و اصطلاحا.
-
أنواع الترجمة بما فيها الترجمة التقنية.
-
تعريف المصطلح و المصطلحية.
-
آليات ترجمة المصطلح التقني.
-
تعريف اللغة و ذكر أنواعها و خصائصها:
-
اللغة الطبيعية .
-
اللغة الاصطناعية.
-
لغة التخصص.
-
الجانب التطبيقي:
دراسة المدونة:
عبارة عن عرض لبعض الأمثلة المنتقاة من لغة الطيران معبر عنها بالانجليزية و مترجمة إلى العربية.
لقد اعتمدنا المراحل الآتية في هذه الدراسة التطبيقية:
المرحلة الأولى: جرد و تصنيف:
و فيها نجرد مجموعة من التعابير المستعملة في بعض المواقف المطبقة في عالم الطيران باللغة الانجليزية.
المرحلة الثانية: ترجمة التعابير إلى اللغة العربية.
المرحلة الثالثة: التحليل و التعقيب:
محاولة شرح و توضيح إشكالات و آليات ترجمة المصطلحات التقنية التي تحويها هذه التعابير.
الخاتمة: عبارة عن عرض بعض النتائج التي توصل إليها البحث مع بعض الاقتراحات و التوصيات.
-
الجانب النظري:
مقدمة: من البديهي جدا أن تشهد بلادنا على غرار البلدان الأخرى تطورا ملحوظا في شتى المجالات بما أنها تمثل طرفا من هذا العالم الذي أصبح يشكل قرية صغيرة. ذلك أن العولمة بعدّها حتمية فرضها العصر الذي نعيشه و الذي بات تغمره عديد التحديات على جميع الأصعدة، فالحاجة إلى فرض الذات و إثبات الوجود أمر لا مناص منه، لذا فالحل يكمن لا محالة في مواكبة الأحداث و مسايرة الإبداعات و الإنتاجات. على هذا الأساس و استجابة لكل المتطلبات سعت الجزائر إلى ترقية قطاعاتها الحساسة بغية استغلالها و الاستثمار فيها اقتصاديا. و لعل من أبرز هذه القطاعات، مجال النقل الجوي أو الطيران بصفة عامة الذي عرف و يعرف نماء منقطع النظير سواء على مستوى التسيير أو التشغيل. إنه بالفعل ميدان حساس له فوائده و أسسه الدقيقة ترشحه ليكون علما قائما بذاته. و مادام التعامل معه يتوقف قبل كل شيء على التواصل الذي أصله اللغة بنوعيها الشفهي و الكتابي، كان لزاما تفسيرها و توضيحها لتقص المعاني و تأدية الأفعال. هذه اللغة و كما يعرف الجميع أنها من نوع خاص تفرد بها المتفوقون في مجال الطيران من أمثال الأمريكيين و البريطانيين و غيرهم و عليه فهي انجليزية بامتياز. و لما كان الأمر كذلك، حلت الترجمة بمثابة المفتاح الذي يفك شفرة الرسائل المستعملة لقضاء الحاجات و جلب الفائدة. بيد أن هذه الترجمة تكون دون شك تقنية إلى أبعد الحدود كونها ستقف عند المصطلحات التي تكوّن المعجم المتخصص لذات الغرض و هو بيت القصيد في هذا البحث.
-
تعريف الترجمة:
-
لغة: إنها مشتقة من فعل „ترجم“ و على نحو ما جاء في لسان العرب يقال“ ترجم كلامه بمعنى فسره بلسان آخر„1. و أما في معجم المنجد فهي تحيل إلى „نقل الكلام من لغة إلى أخرى أو التأويل و التفسير و الشرح„2.
-
اصطلاحا: إنها نقل الألفاظ و المعاني و الأساليب من لغة إلى أخرى مع المحافظة على التكافؤ3.
و توجد الترجمة على أنواع كثيرة نذكر منها:
-
الترجمة الحرفية أو التحصيلية: كما يسميها الفيلسوف المغربي „طه عبد الرحمن„، و يتم فيها إعطاء الأولوية للاعتبارات اللغوية فيتم مطابقة اللغتين أي لغة الهدف و لغة المنطق من حيث المعجم و التركيب فحسب و هذه الترجمة غالبا ما تحرف المعنى لكنها قد تكون مجدية في النصوص النفعية و العلمية.
-
الترجمة التقريبية أو التوصيلية: إنها تعتمد على تقريب المعنى و ذلك عبر بعض التقنيات كالتكيف و الاقتباس لاسيما إذا كانت النصوص من ثقافات مختلفة فهي في الواقع ترجمة غير مباشرة و يعني فيها المترجم بالمضامين الفكرية لينقلها في بنية معرفية حضارية أخرى.
-
الترجمة التأسيسية أو التأصيلية: حيث لا يكف الاعتماد على الكفاءة اللغوية فحسب و إنما إدراك المعارف و المقاصد عبر اللغة التي يكون المعجم الأصلي و المتخصص. و في هذا الإطار تدخل الترجمة التقنية التي هي محل دراستنا.
-
الترجمة التقنية: إنها تميل إلى العلمية أكثر لما تحتويه من مصطلحات نادرة الاستعمال و خاصة بمجال معين من المجالات التي يغلب عليها الطابع المتخصص الذي يحيل المترجم إلى تقص المعاني الدقيقة و الأصلية، فيجتنب الحشو و المغالطة.
و مادامت هذه الترجمة ترتبط ارتباطا وثيقا بالمصطلح التقني، وجب تعريفه و لو بإيجاز لإبراز العلاقة بينه و بين علم المصطلح أو المصطلحية.
-
تعريف المصطلح:
قبل أن نعرف المصطلح4، يجب توضيح العلاقة بينه و بين علم الترجمة، فكون الترجمة ترتكز على نقل المعاني و المفاهيم من لغة إلى أخرى عبر وسيلة الألفاظ و المفردات كان الأمر ضروري بالنسبة للمترجم التعامل مع المعاجم و القواميس لاسيما المتخصصة منها و التي تكشف شفرة المصطلحات التقنية في كل حقل من حقول المعرفة الإنسانية، و لعل الحاجة الماسة لترجمة المصطلح تتصل أساسا بنقل اكتشاف الدول الغربية المتطورة و علومها و الاطلاع على مواكبة ركب التقدم التكنولوجي.
و المصطلح يشار إليه بلفظين هما المصطلح و الاصطلاح، و قد وردت هاتين التسميتين في مواطن كثيرة، فمثلا في المعجم الوسيط:“صلح، إصلاحا، صلوحا، أي زال عنه الفساد فأصبح نافعا و مناسبا“ و من هنا جاء فعل اصطلح فنقول اصطلح القوم أي زال ما بينهم من خلاف و أما اصطلح القوم على أمر أي أنهم تعارفوا عليه و اتفقوا„5.
و الاصطلاح في معناه اللغوي الكشف عن المفاهيم و الكلمات المتفق عليها بين أصحاب التخصص الواحد للتعبير عن المفاهيم العلمية ذات الصلة، و يطلق على المصطلح في اللغات الأوروبية ألفاظ تكاد تكون موحدة من حيث التهجئة و النطق بحك الجذر الاشتقاقي أي Term في الانجليزية و Terme في الألمانية Terme في الفرنسية و Términe في الإيطالية و Termino في الإسبانية. و حسب قاموس Le Robert1 فيعرف المصطلح على أنه الكلمة التي تنتمي إلى مفردات خاصة ليست ذات استعمال مألوف في اللغة المشتركة مثل مصطلحات الجهوية و التقنية6. أما الدكتور „محمود فهمي حجازي“ فيعرفه: „بأنه كلمة لها في المتخصصة معنى محدد وصيغة محددة و عندما يظهر في اللغة العادية يشعر المرء أن هذه الكلمة تنتمي إلى مجال محدد„7. و لعل هذين التعريفين يقرا بأن المصطلح من نوع خاص يتميز بدلالته مهما كان السياق عكس الكلمة العادية التي يتحدد معناها بحسب سياقها. و للمصطلح بحسب العديد من الأساتذة و الباحثين عناصر تتمثل فيما يلي: الشكل و المفهوم و الميدان.
-
الشكل: و هو الوعاء اللغوي أو التسمية أي اللفظ أو مجموعة من الأصوات التي يتكون منها اللفظ و الذي يحمل المفهوم و يدعى هذا بالمصطلح البسيط إذا كانت صيغته في كلمة واحدة أما إذا تكون من كلمتين أو أكثر يدعى بالمصطلح المركب و هو في حقيقة الأمر الدال اللغوي.
-
المفهوم: هو تلك الصورة المعنوية أو الدلالة الذهنية التي يشير إليها المصطلح و هو عبارة عن بناء عقلي مشتق من شيء معين و هو الصورة الذهنية الموجودة في العالم الخارجي.
-
الميدان: هو مجال النشاط الذي يستخدم فيه مفهوم المصطلح الواحد و يتحقق بشرطين هما:
-
التوحد: يتميز بمفهوم واحد لا يساويه آخر.
-
الشيوع: انتشاره في ميدان استعماله للحفاظ على قيمته8.
-
تعريف المصطلحية:
و هي فرعا من فروع اللسانيات التطبيقية، و بحسب بعض الباحثين العرب منهم: „خالد اليعبودي“ تعني „بحث في المصطلح لمعرفة واقعه الدلالي من حيث المفهوم و الخصائص المكونة له و كذا فروعه المتولدة عنه بحكم مجاله العلمي المدروس به„و على أساس هذا التعريف يتجلى الاهتمام بالمصطلح من جانبه التطبيقي، و قد ترجمت المصطلحية في كثير من الأحيان إلى علم المصطلح على أنه فرعا من فروع علم المعجم.
إنه يبحث في العلاقات بين المفاهيم العلمية و العلاقات الوجودية و المنطقية و المصطلحات اللغوية التي تعبر عنها. و من جهة أخرى فإنها تتكفل بصناعة المصطلح Terminologie و Terminographie و توثيقه و ضبط مصدره و ما تعلق به من معلومات و نشرها في شكل معاجم متخصصة سواء كانت ورقية أو إلكترونية. و في الوقت ذاته فإنها تهتم كذلك بتاريخ علم المصطلح و المدارس المصطلحية و المصطلحين و التدريب في هذا المجال9. و للمصطلح علاقة جد وطيدة بالترجمة كونها الميدان الأكثر استعمالا له في مجالات و تخصصات متعددة. فالمترجم مجبر على إيجاد المقابلات للمصطلحات لتحديد معانيها و مفاهيمها بحسب السياق الذي ترد فيه. و حتى تكون ترجمته جيدة و جب إتقانه لاستخدام المصطلح المناسب في المكان المناسب متبعا في ذلك بعض الخطوات التي أوردها „السعيد الخضراوي“ كما يلي:
-
الإحاطة باللغتين المنطلق و الهدف و ثقافتهما.
-
مراعاة ظروف صياغة المصطلح الأصلي و عدم تجريده من سياقه.
-
ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تطور المصطلح، فهو يولد و ينمو و يتطور و قد يموت و في هذه السلسلة قد تتغير دلالته10.
-
أن يكون ذا ثقافة موسوعية.
-
أن يمتلك الخبرة و المهارات اللازمة.
و لذلك يجب التعامل مع المصطلح لاكتشاف مختلف العلوم و الاطلاع عليها و بالتالي نقل التقدم الثقافي و الحضاري و تقريب المسافات و الهوة بين المنتج و المستهلك في الميدان العلمي و الفكري كما هو الشأن بالنسبة للدول المختلفة التي تستهلك ما ينتجه الآخر. بيد أنه بوجوب هذه الترجمة للمصطلح وجب التعرف على مجموع الآليات التي تعتمد في وضعه و بعد ذلك ترجمته و التي نذكر منها:
-
آليات وضع و ترجمة المصطلح التقني:
من الأساليب و الآليات التي يرتكز عليها المترجم:
-
الاشتقاق Derivation: أي توليد ألفاظ مختلفة من أصل واحد أو أخذ كلمة من أخرى ما تناسب بينهما في اللفظ و المعنى، و للاشتقاق أنواع منها: الأصغر فالأوسط فالكبير فالأكبر فالكبار.
-
النحت Clipping: و يعد „ابن فارس“ أول من أورد النحت و قد عرفه بقوله: „العرب تنحت من كلمتين كلمة واحدة، و هو جنس من الاختصار„11. فقد جاء ببعض الأمثلة على سبيل: الحمدلة: تجمع بين الحمد و الله أو البسملة: و تجمع بين باسم و الله، و كلمة عبشمي: و تجمع بين عبد و شمس…و غيرها. و للنحت أنواع منها: النسبي و الجملي و الاسمي و الفعلي و الترميزي …و غيرها.
-
المجاز: و هو من أهم الآليات في صناعة المصطلح و يعرفه „علي القاسمي“ بأنه „نقل لفظ قائم حاليا أو قديما أو ما مات من معناه بين المعنيين أو المفهومين القديم و الجديد12. و يعد المجاز على توسيع معنى الكلمة و له أنواع كثيرة منها: التشبيه و الاستعارة و غيرها.
-
التعريب: من مميزات اللغة نقل مختلف العلوم من الأمم الأخرى إلى الذي هو في حاجة ماسة إليها و هذا واقع اللغة العربية. و يقترن التعريب بالاقتراض اللغوي Borrowing و الذي يدخل في إطار التبادل الثقافي بين مختلف الشعوب. و التعريب كما يعرفه السيوطي: „هو أن ننقل اسم أو كلمة إلى العربية و نسقطها على نهجها أي الألفاظ التي ليست عربية و عربت و من الأمثلة: „النرجس السنجاب و الكعك و الزنجبيل و القرفة و غيرها. و من التقنيات التي قد يستعين بها المترجم ترجمة المصطلحات ما يلي13:
-
الترجمة الحرفية: أو الترجمة المباشرة، و هي التي تكون فيها التطابق تاما بين اللغتين سواء من ناحية المفردات أو البنية النحوية و غيرها. و ينجح هذا النوع من الترجمة إذا ما تعلق الأمر بين لغتين متقاربتين لسانيا و ثقافيا.
-
النسخ: و هو نوع خاص من الاقتراض يقوم فيه المترجم بالنقل الحرفي للعناصر المكونة للوحدة أو العبارة و ذلك باحترام البنية التركيبية للغة المستهدفة و عليه يحصل على ترجمة صوتية Translitération و من الأمثلة ما يلي: علم الخيال– Science fiction أو البلدوزير Bulldozer و غيرها.
-
الإبدال: يمثل استبدال جزء من الرسالة بجزء آخر و يمس الجانب النحوي و التركيبي و هو نوعان: اختياري و إجباري، مثل: after he comes back بعد عوداه أو بعد أن يعود (اختياري)
-
التطويع Modulation: و يستعمل غالبا في اللغة الاصطلاحية التي تغلب عليها المجاز. فهي ترجمة غير مباشرة و لذا فيجب الرجوع إلى ذكاء اللغتين في علاقتهما بالثقافة و التراث، مثل: Le président met la main dans la pate فإذا ترجمت حرفيا نحصل على: وضع الرئيس يده في العجين، لكن المعنى المراد هو: باشر الرئيس العمل لإنهاء الأزمة أو حل المشكلة.
-
التكافؤ: الغرض منه الحصول على مكافئ14 الموقف الأصلي و يلجأ إليه عند ترجمة الأمثال و الحكم أي اللغة الاصطلاحية و هو نوعان: مطلق و نسبي.و إذا كانت المطابقة تامة أم ناقصة و لنأخذ مثال للتكافؤ المطلق: الطيور على أشكالها تقع – Birds of feather flock togother.
-
التصرف Adaptation: يعتبر آخر إجراء نعتمده في الترجمة عندما نكون في وضعية مخالفة تماما لعادات و تقاليد النص الأصلي فمثلا: يقتات من عرق جبينه، نترجمها بالانجليزية بـ:
he earns an honest dollar.
-
تعريف اللغة و ذكر أنواعها و خصائصها:
إنه في كل الأحوال لا نستطيع أن نتكلم عن الترجمة دون أن نبدأ باللغة التي هي المادة الخام و التي يستعملها المترجم لنقل أفكار النص المترجم و صياغتها في أحسن حلة تمكن القارئ من فهم فحوى كل المفاهيم و المضامين.
و لما كانت للغة وظائف كثيرة و متعددة و التي ذكر بعضها اللساني الكبير „رومان جاكوبسون„15 في المدرسة الوظيفية و من خلال المرجع „التواصل اللساني و الشعرية (مقارنة تحليلية لنظرية رومان جاكوبسون)“ ، و منها: الوظيفة الإفهامية و الاجتماعية و السياقية و المرجعية و الشعرية و التخاطبية… و غيرها.
و لعل هذه الوظائف تحتم أساليب و خصائص مختلفة من واحدة إلى أخرى ما يجعل اللغة تتعدد من حيث أنواعها.
-
أنواع اللغة : توجد اللغة على أنواع أهمها:
-
اللغة الطبيعية: اللغة مصطلح متعدد الدلالة ينصرف إلى عدة معان تدل على أنواع من مثل: إنها نسق قائم على إشارات أو رموز لها وظيفة العناصر و ذات عدد متناه و تكون قابلة للتركيب و الإنتاج. إن اللغة الطبيعية تخضع إلى السياق مما يكسبها قابلية التغيير في المعاني و كذلك الصياغة فتكون أكثر إبداع. لقد أشار „إميل بوست Emil Post“ إلى الدور الذي تؤديه اللغة الطبيعية في ولادة أفكار جديدة فوق اللاوعي و هناك تحول مهم لاحق بالعمليات الحسية الغامضة داخل الترابطات بين الأفكار الدقيقة16. „إن اللغة الطبيعية هي التي تقدم دعما قويا و ضروريا للقدرة على ابتكار المشكلات و التفكير الخيالي فاللغة هي الخاصية المميزة و المهمة„17.
-
اللغة الاصطناعية: تستخدم كأداة للتواصل في أحوال معينة كلغة الإشارات التي يستعملها الجنود أثناء المعارك أو كلغة الصم البكم، و من أهم اللغات الاصطناعية أو الصورية في العالم: لغة المكفوفين Le braille „لويس براي“ عام 1829 و لغة „فولابيك“ Le volapük من صنع العالم الألماني „شلير Schleyer“ عام 1879 لتحقيق السلام و التواصل بين البشر. لغة „لسبيرانتو“ L’espéranto ظهرت في بلونيا عام 1887 و أسسها العالم Leijze Ludwik Zamenhof و أشهر هذه اللغات: L’interlingua ظهرت عام 1951.
-
لغة التخصص: إنها لغة ذات طابع خاص تتميز عن باقي الأنواع على أنها تهتم بحقل من الحقول المعرفية التي لها علاقة بالمجال العملي المهني المتخصص و غالبا ما يكون تقني محض، يغلب على هذه اللغة المصطلحات النادرة الاستعمال، إنها طبيعية في الأصل لكنها تستعمل علم المصطلحات و علم التعابير المسكوكة Terminology و Phraseology. و تجدر الإشارة إلى أن علم المصطلحات هو مجموعة الكلمات التي تنتمي إلى فن أو علم أو أدب معين. أما علم التعابير المسكوكة فهو مجموعة من العبارات التي تستعمل للخطاب لاسيما الاصطلاحي المجازي منها.
و إذ نتكلم عن لغة التخصص و مادام بحثنا هذا يتصل بالمدونة التي اخترناها للدراسة و تتعلق بلغة الطيران وجب علينا التحدث عنها و لو بإيجاز، فبحسب ما جاء به „ستيف كشين“ Steve Cushing فإن الأخطاء الناجمة عن سوء التواصل بسبب سوء المحادثة بين الناس حتى في حياتهم اليومية العادية كثيرا ما تؤدي إلى خصومات أو منازعات، بحيث إن ليس كل ما عناه الواحد فهمه الآخر. لكن قد يكون الأمر مجرد مزاح بين صديقين، لكن و بالمقابل لا مجال لذلك إذا ما تعلق الأمر بين قائد الطائرة و برج المراقبة، فهنا الأخطاء تكلف غاليا و النتائج تكون جد وخيمة.
هذه الأخطاء قد تكون بسبب فساد أو عطب تقني في أجهزة الاتصال مثل: الميكروفون Microphone أو أي جهاز اتصال آخر لكن و من جهة أخرى لغوية محضة على سبيل عدم توفير المعلومات الضرورية الكافية للقيادة الرشيدة18.
هذه المعلومات في إطار التواصل تشمل تسعة أصناف منها:
-
الأخطاء ذات الصلة بالأرقام و الأعداد التي لم تسمع بالشكل الجيد.
-
اللغة و ما تضمنه من مفردات يشوبها اللبس و الغموض عند القراءة أو السماع أو التأويل أو الترجمة و هذا ما يعرف بـ: Ambiguous phraseology.
مثال: استعمال الفعل: At – take off عوض: taking off
الجملة: we are now at take off، قد تفهم على أن الطائرة لازالت لم تقلع لكن في الواقع هي على وشك الإقلاع.
و هذا لم يتم إخباره للقائد الآخر الذي هو على وشك الهبوط.
-
مشكلة قلب أو دمج الشفرة Code Switching أو كذلك ما يعرف بالتداخل اللغوي: 19Linguistic inteference.
-
مشكلة الغموض المعجمي Lexical ambiguity: مثل كلمات ذات الصوت المتقارب لكن بمعنى مختلف (Homophones).
مثال 1: To الأداة Preposition و two العدد number و كذلك: Right= اليمين و write= أكتب
مثال2: كلمات متشابهة التهجية spelling و مختلفة في المعنى (Homographs)، مثال: close= مغلق/close=قرب.
خلاصة القول: أنه توجد عدة مخاطر في لغة الطيران لذا وجب التريث عند التعامل معها بغية تفادي أي نتائج لا يحمد عقباها.
-
الجانب التطبيقي:
المرحلة الأولى:
عرض المدونة: أمثلة مختارة من لغة الطيران و الوقوف عند مصطلحاتها ذات الطابع المتخصص.
المرحلة الثانية: ترجمة هذه الأمثلة من الانجليزية إلى العربية.
الحديث عن ترجمة هذه الأمثلة يجرنا إلى الكشف عن أسرار هذه اللغة أو ما يعرف بـ Jargon، و ما هي الصعوبات التي قد تواجه المترجم في إيجاد مقابلات لها و ذلك باعتماده بعض التقنيات مثل الترجمة الحرفية، النسخ، التطويع، التكافؤ.. و غيرها.
المرحلة الثالثة و الأخيرة: تحليل هذه التعابير و التعقيب عليها بالإشارة إلى أن ترجمتها إلى العربية حتى و إن كانت صعبة لكن من شأنها أن تقرب المعنى أكثر و تقلص من الحوادث التي تسببها اللغة الانجليزية لاسيما و نحن في الجزائر نعرف أن اللغة السائدة في مجال الملاحة الجوية هي الفرنسية لأن مدرسة التكوين بالنسبة لكل من له علاقة بهذا القطاع هي المدرسة الفرنسية و ليست الأمريكية أو البريطانية.
ملاحظة: لقد تم الاطلاع على دراسة أقيمت على مطار مصالي الحاج بزناتة في ولاية تلمسان في سنة 2013 و نبين أن الجميع يعاني من اللغة الانجليزية التي هي لغة العمل لكن تجلى كذلك الحاجة إلى العربية كبديل لها.
المدونة
الحالة الأولى:
A maintenance truck driver radios the tower. Go ahead says the controller waiting for the driver to make his request. The truck driver, thinking he has received his clearance, drives onto the runway.
واصل الكلام فهمت على أنها واصل الطيران.
الحالة الثانية:
Holding short of the runway. The captain asks ‘ may we cross’? The controller gives the response’ hold short’. The captain understands ‘oh sure’, and crosses the runway.
ابق بعيدا فهمت على أنها بالتأكيد
الحالة الثالثة:
A pilot reads back a message’ He will turn right ‘ as ‘We will turn right.’ Because of his strong accent , nobody realizes the mistake until the plane has gone the wrong way
قائد الطائرة سمع الإجابة على أننا سندور يمينا لكن بحكم النبر المضاعف أدى به إلى اتجاه مغالط
الحالة الرابعة:
Take taxiway right was heard as ‘you can backtrack if you like’.
در إلى اليمين سمعت كالأتي: تراجع للخلف إذا أردت
الحالة الخامسة:
Descend two four zero zero
اهبط 2400 التي فهمها قائد الطائرة كالأتي” اهبط إلى 400
بعض الاستنتاجات
-
الترجمة ميدان محفوف بالمخاطر لذا أضحى علما بعدما كان فنا.
-
يتعامل المترجم في كثير من أحيان مع نصوص علمية دقيقة تحتوي على كم هائل من المصطلحات ذات الطابع المتخصص و عليه يجب أن يكون مسلحا بمعرفة مسبقة على مجملها حتى يتسنى له الولوج إلى المعنى الدقيق لإيصال المعلومة كاملة غير منقوصة.
-
لغة التخصص من الإشكالات العصيبة التي تواجه ميدان الترجمة في شقيها النظري و التطبيقي و العلاقة بينهما في مجال التواصل و لعل لغة الطيران من أبرز المكبلات التي تظهر حقيقة هذه العلاقة عمليا عند الحوارات التي تجرى بين قائد الطائرة و طقمه و برج المراقبة و التي غالبا ما تكون سببا في إحداث كوارث بشرية جراء سوء فهم يؤدي إلى تحطيمها و تسجيل عدد كبير من ضحايا.
-
لغة الطيران مقتبسة في أصلها من اللغة الانجليزية الأمريكية بحكم تقدم الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال و هي تجمع عددا هائلا من المصطلحات الصعبة و نادرة الاستعمال، فعند ترجمتها إلى العربية نكون بحاجة إلى مترجم متخصص عايش ميدان الطيران و تعرف على كل آلياته كبيرها و صغيرها.
خاتمة
إن الممارسة الفعلية لميدان من ميادين العلوم الدقيقة و المتخصصة كفيل بأن يزود أي كان ذا صلة بأدوات و تقنيات و معلومات تجعله متمهن في باب تخصصه.
و المترجم و الترجمان لهما دورا هاما في نقل هذه اللغة التي يجنى من وراءها النفع و الفائدة بالنظر لما يقوم به مجال الطيران من مهام وظيفية على سبيل المواصلات و تقليص المسافات بين الشعوب و الأمم و ذلك على الصعيدين الحضاري و الاقتصادي.
و منه نستشف روح العمل الدءوب الذي يزاوله كل واحد يسعى إلى دفع عجلة التقدم و الازدهار لبلده و مجتمعه.
هوامش البحث:
مصادر و مراجع عربية:
-
ابن منظور، لسان العرب، المجلد الثاني، دار الجبل، بيروت، دار لسان العرب، 1988.
-
المنجد في اللغة العربية المعاصرة، دار المشرق، بيروت، الطبعة الثانية، 2001.
-
„الترجمة في تجربة المغرب العربي، مجلة اللغة العربية، العدد 7.
-
السعيد الخضراوي، الترجمة و المصطلح، مجلة المترجم، العدد2.
-
معجم الوسيط، الجزء الأول و الثاني، دار الدعوة اسطنبول، 1989، أنظر مادة الصلح.
-
محمود فهمي حجازي، الأسس العلمية لعلم المصطلح، مكتبة غريب.
-
أنظر الوقع: ww.atia.org، تاريخ الفحص: 28/02/2018، الساعة 16:30.
-
علي قاسمي، مقدمة في علم المصطلح، بغداد الموسوعة الصغيرة، القاهرة.
-
جلال الدين السيوطي، المزهر، دار الفكر، بيروت، 2005.
-
الطاهر بوزمير، التواصل اللساني و الشعرية (مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكوبسون)، الدار العربية للعلوم، الجزائر، ط1، سنة 2007.
-
خليل أحمد خليل، مفتاح العلوم الإنسانية.
-
رومان جاكوبسون، الاتجاهات الأساسية في علم اللغة، ترجمة حاكم صالح و حسين نظم.
مصادر و مراجع أجنبية:
- Paul Robert, Petit Robert1, Mars, 1977.
- J.P. Vinay, J. Darbelnet, Stylistique comparé du Français et de l’Anglais de la société royale du canada, agrégé de l’université 1977.
- Basturkmen, H, (2006) Ideas and opinions in English for specific purposes, London, Lawrence albaum associated publishers.
- Cushing ; S (2007) fatal words communication clashes and aircraft crashes, the university of Chicago press.
1 ابن منظور، لسان العرب، المجلد الثاني، دار الجبل، بيروت، دار لسان العرب، 1988، ص316.
2 المنجد في اللغة العربية المعاصرة، دار المشرق، بيروت، الطبعة الثانية، 2001.
3 „الترجمة في تجربة المغرب العربي، مجلة اللغة العربية، العدد 7.
4 السعيد الخضراوي، الترجمة و المصطلح، مجلة المترجم، العدد2، ص58
5 معجم الوسيط، الجزء الأول و الثاني، دار الدعوة اسطنبول، 1989، أنظر مادة الصلح، ص520.
6 Paul Robert, Petit Robert1, Mars, 1977, PP : 19-46.
7 نقلا عن محمود فهمي حجازي، الأسس العلمية لعلم المصطلح، مكتبة غريب، ص9.
8 أنظر الوقع: ww.atia.org، تاريخ الفحص: 28/02/2018، الساعة 16:30.
9 علي قاسمي، مقدمة في علم المصطلح، بغداد الموسوعة الصغيرة، القاهرة، ص–ص 263 و 278.
10 السعيد الخضراوي، الترجمة و المصطلح، مجلة المترجم، العدد2، ص58.
11 جلال الدين السيوطي، المزهر، دار الفكر، بيروت، 2005، ص269.
12 ينظر:علي قاسمي، مقدمة في علم المصطلح، بغداد الموسوعة الصغيرة، القاهرة، ص357.
13 J.P. Vinay, J. Darbelnet, Stylistique comparé du Français et de l’Anglais de la société royale du canada, agrégé de l’université 1977, P: 54.
14 IBID : J.P. Vinay, J. Darbelnet, P: 48-54
15 الطاهر بوزمير، التواصل اللساني و الشعرية (مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكوبسون)، الدار العربية للعلوم، الجزائر، ط1، سنة 2007، ص 24.
16 خليل أحمد خليل، مفتاح العلوم الإنسانية، ص359.
17 رومان جاكوبسون، الاتجاهات الأساسية في علم اللغة، ترجمة حاكم صالح و حسين نظم، ص53 إلى ص55.
18 Basturkmen, H, (2006) Ideas and opinions in English for specific purposes, London, Lawrence albaum associated publishers.
19 Cushing ; S (2007) fatal words communication clashes and aicraft crashes, the university of Chicago press.