Dr. Sihem HASSAINE
Sidi-Bel-Abbes University
إن ظاهرة الترجمة كانت و لا زالت ملازمة لتاريخ الإنسان لأن تعدد الشعوب و الأقوام واختلاف اللغات أسهم في الحضارة الإنسانية، و جعل ظاهرة الترجمة الأداة الوحيدة لسد حاجة التواصل بين البشر. و الترجمة عنصر أساسي في التفاعل بين الشعوب و الحضارة نافذة على تراث الأمم و نتاجها الفكري و مجمل نشاطها الإنساني، تنقله و تقتبسه و تنشره و توطنه في مراحل مختصرة أو مطولة حسب ما ترتئيه تلك الشعوب المستقبلة من خلال تفاعلها و تجاورها مع النصوص المنقولة إليها وفق احتياجاتها المعرفية و الحضارية و السياسية العاجلة و الآجلة.
و لعل أهم عائق يقف حائلا في العملية الترجمية هو إشكالية المصطلح الذي لا يخلو الحديث عنه في الترجمة المتخصصة و الذي أرهق اللغويين في معالجته و الخوض في مسالكه و منعرجاته. فالمصطلح عنصر جوهري في تدريس الترجمة و تلقينها، لأن ترجمته تعد من أهم وسائل استنباطه و تحديد معالمه. إن صعوبة ترجمة النصوص المتخصصة تكمن في موضوع التخصص و المصطلح لأن كل لغة مختصة تتميز بمصطلحية و أسلوبية خاصين بها. فإذا كان الخطأ في الترجمة الأدبية فإنه يقل بالقيمة الجمالية، أما في الترجمة العلمية فإنه يخلخل الفكر و في الترجمة القانونية يخل بالغموض و مقابلات مصطلحاتها. و لهذا يعتبر ميدان المصطلحات القانونية و التقنية من أهم الميادين اللغوية، و التي اهتم و لا يزال يهتم بها اللغويين و العلماء و ذلك راجع إلى أسباب موضوعية كثيرة منها:
– الانفجار الإعلامي الذي نواكبه.
– ظهور طرق الاتصال السريع الذائعة الصيت.
– شدة اتصال اللغات.
الترجمة هي علم وفن تمتاز بعالمها الخاص ومجالها الواسع. وهي حقل من أهم حقول المعرفة التي لها جذورها الضاربة في التاريخ ، كما أن لها اختصاصاتها و تشعباتها الدقيقة .فمنها الترجمة العلمية البحتة التي تتشعب على سبيل المثال لا الحصر إلى الطبية أو الهندسية التي تتفرع أيضا إلى ما هو أدق وأكثر تفصيلا. فالترجمة أصبحت اختصاص داخل اختصاص والترجمة الأدبية المتعلقة بالنصوص الأدبية والتي تشمل الشعر، الرواية، القصة….إلى غير ذالك، والأعمال الثقافية والفكرية، والترجمة المالية التي تقوم بترجمة التصريحات المالية والتقارير السنوية ووثائق التأمين ووثائق تمويل المشاريع، والترجمة الطبية التي تقوم على مختلف الوثائق الطبية بما فيها: صفحات التقارير و وصفات الدواء، والوثائق الصيدلية. فالترجمة الطبية تشكل مجالا متخصصا يعوّل بشكل كبير على المصطلحات المتخصصة فقد تؤدي أخطاء بسيطة في الترجمة إلى عواقب جسيمة على القراء والمرضى. و عليه يعتمد هذا النوع من الترجمة الطبية على أهل الاختصاص الطبي الذين يعتبرون على معرفة جيدة باللغة الهدف.
إن كل نوع من أنواع الترجمة هذه ترتكز وتعتمد على المصطلحات المتخصصة في كل مجال. لذا ينبغي أن يقتصر اختصاص المترجم على الترجمة في مجال معين لأن كل ميدان يتميز بمفرداته و بتراكيبه اللغوية والأسلوب الخاصة به1 ، بحيث قد نجد الكثير من المترجمين الذين يشتغلون بالنقل لا يتقنون العلوم التي ينقلوا كتبها ومعظمهم إما أن يزيد في الكتب التي يترجمها، أو يحذف فيها، أو يبدل عددا من جملها ومعانيها إذا كانت تلك الجمل والمعاني لا توافق رأيه وهذا ما يقلل من أهمية الجهد الترجمي.
إن الترجمة المتخصصة تتطلب تنمية مهارات الدقة وتعريف الطلاب بالمصطلحات الخاصة بهذه العلوم وأسس تعريبها والمعاجم المستخدمة فيها، وتعريفهم كذلك بالخصائص الأسلوبية لنصوص هذه العلوم ، حيث أنه من المسلم أن الترجمة هي استبدال مفردات في نص أصلي بمفردات أخرى معادلة لها في المعنى2 ، لكن لو سلمنا بهذا المفهوم لكان الأمر في غاية البساطة وهكذا فإن كل شخص بإمكانه فتح المعجم ونقل المعنى وكان الله بالسر عليما ، وبالتالي يصبح كل شخص قام بهذه المهمة اليسيرة البسيطة مترجما، وعلى ضوء هذا التعريف لا أعتقد أن هناك تخصصا أو مجالا اسمه ترجمة متخصصة وعليه لا يمكن اعتبار فلان مترجما كصاحب مهنة يشار إليها ويتم تصنيفها مثل الطبيب، المهندس، المحامي.
و على العموم، إن ميدان الترجمة شاسع وليس متوقعا أن يبدع المترجم في جميع التخصصات وهذا مهما بلغت درجة ثقافته. فهو لا يمكن أن يلم بجميع المجالات، بل لا بد أن يتخصص في مجال معين، خاصة و أن حركة الترجمة عالمية و أوسع الحدود و لها أنواع كثيرة و لذلك لا يترجم بنفس الطريقة النصوص الشعرية، الطبية، القانونية و الاقتصادية و إلى غير ذلك من الاختصاصات. فمثلا ترجمة الشعر لا يمكن أن تحقق نفس التأثير إلا إذا قام بها مترجم شاعر، فأحمد رامي درس الفارسية من أجل أن يترجم رباعيات الخيام، فترجم و أبدع. و بالتالي فإن الترجمة حين يتولى أمرها من ليس أهلا لها، أعني بذلك ممارسة الترجمة من طرف الغير المتخصصين، فإنها تجري في أذيالها آثار سلبية لا تخطئها العين المبصرة. حيث أنه لا يعني عندما يمتلك المترجم للخبرة الكافية و لأدوات الترجمة الضرورية يصبح بإمكانه العمل في كافة المجالات فهذا قد ينشأ عنه أخطاء لغوية و معرفية فضيعة و عواقب سلبية على الشعب و الأمة.
إن السبب الذي يجعلنا نتوقع أن يفلح بعض أولئك المترجمين في ميدان بعينه ويخفقون في ميدان آخر راجع إلى عدم التشبث بموضوع النص الأصلي3 والتخصص في الميدان الذي يترجم فيه. بيد أن القاعدة التي يمكن استخلاصها في مسار الترجمة المتخصصة هي عدم وجود طرق و قواعد محددة بصورة مطلقة و ذات مرتكز في جميع حالات الترجمة،
لأن هذه الأخيرة ليست مطلقة تسري ضمن قاعدة واحدة على جميع أنواعها.
إن التخصص يلعب دورا كبيرا في إعلاء شأن الترجمة و يساعد على صيانة النص أو بمعنى آخر له دور فعال في تحليل النص وتحويله إلى لغة الهدف. و عليه فإن تخصص المترجم و درايته بالحقل الذي يترجم فيه لابد منه4، و هذا بغية التيسير في صلاحية عمله و فاعليته عند تأمل و دراسة النصوص التي تعرض عليه و حرصه و شغفه على تفسيرها بأسلوب واضح بحيث يستفيد منها القراء.
يمكننا أن نستخلص أن الترجمة علم و فن و لابد من التخصص في إحدى مجالاتها تخصصا دقيقا، و يشترط على المترجم أن يكون على إطلاع مستمر بكل المستجدات؛ شأن المصطلحات و هذا ليواكب تطورات الصياغة المفردة و العبارة في مجال تخصصه، لاسيما إذا كان في المجال الذي يقتضي إضفاء روح الجمالية على النص مع المحافظة على أمانة المعنى الصحيح له.
ان اشكالية المصطلح هي اشكالية مهمة في المشهد الثقافي، و التي طالما ارهقت المثقفين في معالجتها و الخوض في مسالكها،و عقدت ندوات في تحديد مناهجها و اليتها و الفت المئات من الابحاث التي عالجت هذا الموضوع معالجة معرفية بحثة. فترجمة المصطلح القانوني في غاية الصعوبة، لأنها ليست فقط محصورة في ابتكاره، و إنما في تعدد المصطلحات للمفهوم الواحد. و قد زادت المعاجم المتخصصة هذه المشكلة تعقيدا بسبب عدم شموليتها، أو اختلافها مع معاجم أخرى في اعتماد المصطلح.
إن الترجمة القانونية هي ترجمة الوثائق القانونية شأن: العقود، النصوص القانونية، وثائق متعلقة بالمحاكم و الآراء، الملفات الحكومية…إلخ. إن هذا النوع من الترجمة يتطلب مترجمين متخصصين في الميدان القانوني لأن القانون نظام مرتبط باللغة و التي هي في حد ذاتها مقيدة بمعايير يحكمها المعنى أكثر من الشكل. و بالتالي من واجب المترجم أن يكون متخصصا في الميدان القانوني حتى يتمكن من استيعاب معنى النص القانوني و بغية إعادة التعبير و التركيب في اللغة المستهدفة وفقا للمعايير و استعمالات اللغة و النظام القانوني للثقافة المستهدفة.
إن ترجمة الوثائق القانونية تتعدى إمكانات المترجم العادي الذي لا يملك معرفة و خبرة في المجال، لذا ينبغي أن نحيلها على مترجمين قانونيين ذي خبرة عالية5 شأنهم شأن المحامين المتمرسين الذين سبق و طوروا خبرتهم في مجال الترجمة القانونية على مدى الأعوام لأن إخفاق بعض أولئك المترجمين راجع إلى عدم التشبث بموضوع نص لغة المصدر، و بالتالي على المترجم أن يختار ميدانا واحدا و يتخصص فيه6.
يحبذ أن توجه الترجمة القانونية إلى الخاصة من الناس الذين يتعاملون بالقوانين أي أهل الاختصاص، أي ينبغي في الترجمة القانونية تحقيق الاكتمال المعنوي أكثر من الفني7 ومراعاة الدقة في حسن الأداء واللفظ والتركيب ودقة المصطلح حتى لا تأتي الجملة أو بقية المواضيع ركيكة العبارة مضطربة المعنى .
إن الترجمة القانونية المتخصصة تعني التخصص في ترجمة اللغة القانونية عن طريق الإلمام بالمصطلحات القانونية بغية تجنب الأخطاء على مستوى المفهوم القانوني و الكلمة التي تحمل المعنى المراد إيصاله. لأن كل سوء فهم للنص القانوني، يوقع صاحبه في ترجمة مغلوطة تذهب بسياق المعنى الحقيقي، و تعطي معنى آخر بعيدا كل البعد عن المعنى الأصلي، و هذا ما يكشف عن عجز في امتلاك اللغة الأجنبية المترجم إليها ويكشف أيضا عن الضعف المتواجد في الخلفية المعرفية والفكرية للنص المراد ترجمته. أي عدم الدراية بالمجال المتخصص بحد ذاته أو بعبارة أخرى الجهل الواضح للموضوع.
و من المسلم به ان اللغة العربية تعتمد على اسلوب فصيح رنان، لذا فان المصطلحي الكفء هو القادر على تحديد اسلوب النص، و الملم بالمعاني المختلفة التي قد تكون لنفس المصطلح او الكلمة او العبارة، مثلما هو حال بالنسبة للأمثلة التالية:
مثال 1: « la peine »
العقوبة التبعية هي الحجز القانوني و الحرمان من الحقوق الوطنية و هي لا تتعلق الا بعقوبة جناية:
« les peine accessoires sont l’interdiction légal et la dégradation civique elle ne
s’attache qu’au peine criminel »8
الرقة :veuillez vous donnez la peine d’entrer
الحزن :cet enfant me fait de la peine
لا يكاد يعرف القراءة :il sait à peine lire
مثال 2 : « prêter »
التواطؤ في الجرم :prêter la main à un crime
الموافقة على مشروع:prêter la main à un projet
مساندة شخص : prêter main- forte à quelqu’un
و عليه فان هذه الفوارق الطفيفة لا يدرك معناها إلا المصطلحي الكفء و القادر على التدقيق و نبش حقيقة المعنى المطلوب،9 و ايجاد المصطلح الموافق ، وبالتالي التنسيق و الربط بين المعاني و الجمل. فالترجمة مهنة و صناعة اذ بها بعض المراوغة، و الكلمات وحدها تحمل معان محدودة لكن وجودها في السياق و بالاشتراك مع بعضها البعض تحمل معان كثيرة.
إن ترجمة النصوص القانونية تشترط أن يكون المترجم محيطا بالمعنى إحاطة تامة بغية نقله بدقة و إخلاص. أي أنها تشترط مترجمين متخصصين في هذا النوع من النصوص يكونون في الوقت عينه متعمقين في أصول اللغة و دقائقها. و من شأن هذه الدراية القانونية تسهيل عملية الترجمة، و تحسين الإنتاجية بغية تلبية حاجيات السوق من الترجمة المتخصصة. لأن النجاح في الترجمة القانونية يعتمد إلى حد بعيد على استخدام أصحاب المهارات ذوي الاختصاص، بحيث يجب على لغة المترجم القانون أن تكون قانونية بخاصة على مستوى المعنى أكثر من المبنى ليتمكن من النقل إلى اللغة الهدف. بل إن الأمر يحتاج إلى تخصص في المادة التي ينقل منها و إليها أي الإطلاع و البحث و التوثيق و هذا ما تعود إليه طبيعة النصوص القانونية التي يقوم بترجمتها.
إن المترجم مهما بلغت درجة ثقافته، لا يمكن أن يكون متخصصا في جميع المواضيع. لذا عليه أن يبحث عن المعلومات التي تنقصه بالتوثيق في المجال الذي يعالجه النص و في لغتي الأصل و الهدف. لأن المترجم القانوني قد يواجه مصطلحات قانونية غير متداولة و مفسرة في جميع القواميس و المعاجم أي مصطلحات قانونية متخصصة دقيقة المعنى نادرا ما يشار إليها في المعاجم و بالتالي يميل إلى الحرفية.
و لهذا فإن ما تطرحه النصوص القانونية من مشاكل عويصة سواء للباحث أو للمترجم الغير المتخصص و التي تتعلق بسوء استيعابها في لغتها الأم و ما يترتب عليها جراء تحويلها إلى اللغة الهدف يشكل حجرة عثرة في مجال الفهم القانوني لذلك فإن التخصص يلعب دورا فعالا في إزالة سوء الفهم و إجلاء الغموض و الحفاظ على سياق النص و تمام معناه، و من ثمّ نقله وفق كل المؤشرات السياقية للنص بغية تصويرها و تأدية المفاهيم و المعاني في النص الهدف أداءا يسيرا و صحيحا.
نستنتج إذن الترجمة القانونية المتخصصة نشاط لغوي وفني وثقافي ينبغي على كل من يؤديه أن يكون مؤهلا تأهيلا كاملا ومتخصصا لأن الخطأ فيها قد يضيع حقوق الناس وقد يكون أحيانا قاتلا أو يؤدي إلى أزمات سياسية بين دولة وأخرى. وهذا راجع إلى عدم فهم المصطلحات القانونية المتخصصة ، أو لعدم وجود مقابل للمصطلح القانوني في ثقافة لغة الهدف10 بل وناتج بالأخص عن عدم التخصص في الميدان القانوني الذي يترجم فيه، فالترجمة تحتاج خاصة إذا ما تعلق الأمر بالترجمة القانونية إلى ثقافة معمقة وإلى تدقيق في نقل المقولات القانونية الواردة في النص القانوني وليس مجرد إلباسها ثيابا لغوية جديدة لأن الترجمة القانونية تحتاج إلى أسلوب خلاق متن لشرح المضامين الواردة في النص الأصلي وإلى إظهار ثقافة المترجم وسعة اطلاعه في الموضوع الذي يترجمه.
فالنص القانوني قد توجد له أكثر من عشرين ترجمة لكن المقبولة والناجحة، هي الترجمة التي استطاعت أن تبث في النص الأصل روحا أمينا ووفيا، وهذه المعايير لا تتحقق إلا بالتخصص في الميدان القانوني.
و من أهم الاعتبارات التي ينبغي للمترجم أن يضعها نصب عينيه، هي تلك التي تتعلق بنظام اللغة.
و الكلمة „نظام اللغة“ تشمل أشياء كثيرة ليس هذا محل سردها، لكن لعل من أبرزها النحو،
و تآلف الكلمات في ذهن المتلقي، بمعنى أن لا يأتي المترجم بكلمات و مصطلحات تؤدي إلى تنافر معنوي في ذهن القارئ المتلقي ابن اللغة المنقول إليها. لأن دوره يقوم على توليد القرابة واستبعاد الغرابة، فهو لا يسدي خدمة لأمته فحسب، و إنما حتى للأمم التي تتكلم اللغات التي تترجم أعمالها.
وعلى وجه الخصوص المترجم القانوني ينبغي أن يراعي لغة قانونية من نظم قانونية و مقولات قانونية و مصطلحات قانونية متخصصة غامضة لا يدرك معناها إلا المترجم المتخصص في المجال القانوني، و هذا حتى تكون التراكيب مقبولة معنويا و منطقيا حسب نظام اللغة المنقول إليها. و لعل هذه الناحية مما يقع الخطأ فيها كثيرا و يتولد عنها مخرجات غير مقبولة ليس معنويا فحسب بل و منطقيا أيضا كما رأينا سالفا.
إن حقل الترجمة له ارتباط وثيق بالإنجاز المعجمي لمجمع اللغة العربية، فالبعض يصف المجمع بالجمود الفكري أو انغلاق فكري، لذا ينبغي:
– إنشاء مجتمع لغوي عربي له كلمته و نفوذه على كل المجامع اللغوية المحلية في البلدان العربية.
– خضوع كل الكتاب و المترجمين العرب لهذه المجامع المحلية و التي بدورها تخضع للمجمع العربي، و تأتمره بأمرته و معاقبة كل من يقوم بإصدار أو بترجمة أي مصطلح بشكل فردي.
و نأمل أن يفعل هذا المجمع المزيد من أجل اللغة العربية، حيث ما من شك في أن اللغة العربية تعصف بها كثير من الأزمات، من بينها أزمة اللغة التي توشك أن تصبح علة دائمة. لكن الضعف العام في اللغة و قواعدها ليس مرده إلى طبيعة اللغة العربية نفسها، لأن كل اللغات خلقت للبشر كافة ليتواصل الناس بجميع مستوياتهم العقلية المختلفة. بل ترتبط المشكلة بتخلف الأمة الحضاري في مختلف جوانب حياتها السياسية، الفكرية، الاقتصادية، ثقافية… إلى غير ذلك.
اللغة هي مرآة الأمة و التخلف الحضاري الذي تعيشه الأمة كل لحظة ينعكس على شكل ضعف ظاهري في اللغة، و هذا الضعف كامن فينا و ليس في طبيعة لغتنا. لأن اللغة بأبنائها و أمتها تقوى بقوتهم و تضعف بضعفهم، تزدهر برقيهم و تنحدر بانهيارهم. فاللغة العربية هي ثروة مشتركة للشعوب العربية، فعلينا المحافظة عليها و تطويرها كي تقاوم تحديات العبث بها. لكن المشكل الدائم هو إلى متى سيبقى تأليف المعجم العربي عملا فرديا، في حين أننا أصبحنا اليوم نعرف أن التأليف المعجمي صار صناعة تعتمد على فرق في الجمع و المتابعة و التحرير و المراجعة و التنقيح و التجديد. كما أن الجمعية هي ألأقدر على اتخاذ زمام المبادرة من اجل تأليف معاجم جماعية على هذا النوع، فليكن هذا ألأمر جزءا من مشاريعها و مخططاتها.
إن السعي إلى وضع مقابل صحيح ليس مقصود به فرض ذلك على أفواه العامة، و لكن نقصد به إسعاف الأقلام الكاتبة بما يسد حاجة التعبير من ألفاظ دقيقة و فصيحة بغية تفادي الغموض و اللبس المتواجد في المصطلحات القانونية. و كنتيجة ينبغي وضع معجم قانوني عربي موحد لألفاظ القانون، فاللغة الواحدة تربط الناس بوشيجة قوية و تجعلهم يشعرون أنهم يتواصلون بلسان واحد و لهم تراث مشترك واحد. بل أنهم يفكرون بطريقة واحدة و هكذا تكون اللغة من أهم مكونات الأمة الواحدة، إن لم تكن أهمها.
و لهذا فإن سعينا إلى توحيد المصطلحات القانونية يرمي إلى تزويد الأمة العربية بلغة قانونية موحدة يتيسر تواصلها و تدعم تضامنها. أي الهدف ألأساسي من توفير المصطلحات القانونية العربية الموحدة، هو إيجاد لغة قانونية عربية مشتركة يفهمها الجميع في مختلف الأقطار العربية، و تكون أداة فاعلة لتعليم الترجمة في مجال القانون.
إن العجز في تكوين المصطلحات القانونية الجديدة لا يمكن عزله عن الجمود و الخمول الذي يميز الساحة العربية. و حتى نتمكن من دفع عجلة التقدم في العالم العربي، لا بد من التفكير في ألأشياء التي تدفع الناس إلى طلب العلم بشغف. و هذا ينطبق على عضو الهيئة التدريسية الذي يواجه تحديات مصيرية.
و ثمة أمر آخر يتوجب العمل عليه بلا تباطؤ و هو إنشاء مؤسسة عربية موحدة في إطار المنظمة العربية للتربية و العلوم و الثقافة، تقوم على تأسيس مشروع متكامل لترجمة المصطلحات القانونية بمختلف فروعها من و إلى اللغة العربية ترجمة سليمة و دقيقة، تضمن نقل المصطلحات القانونية بكل دقة و شمولية و بلا تكلف. كما أننا بحاجة إلى النظر إلى الثقافة الإسبانية نظرة علمية بعيدة عن العواطف لنستطيع الاستفادة منها استفادتنا من الثقافات ألأخرى.
صفوة القول، يجب ألإشارة إلى أن موضوع ترجمة المصطلحات القانونية لم يحظ بقليل من الاهتمام و الدراسة نظرا للصعوبة التي يطرحها. و هي مشكلة كبيرة لا تعاني منها الترجمة القانونية فحسب، و إنما كل الترجمات المتخصصة تعاني من مشكلة توحيد و ضبط المصطلحات.
قائمة المراجع و المصادرالمعتمد عليها :
1- قانون العقوبات، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية -وزارة العدل-الطبعة الثالثة، مطبوعات الديوان الوطني للأشغال التربوية،2001.
2- ابن منظور، لسان العرب، بالمحيط، المجلد 1 ، دار لسان العرب، بيروت.
3– ديداوي محمد، علم الترجمة بين النظرية و التطبيق، المركز الثقافي العربي، بيروت 2000.
.4- محمد شهين نظريات الترجمة و تطبيقاتها في تدريس الترجمة، مكتبة دار الثقافة، عمان 1998.
5–J. Claud Gémar, la traduction juridique et son enseignement, aspect théorique et pratique, Méta, vol 24 N°1 Mars 1979.
6–. Michel Sparer, « pour une dimension culturelle de la traduction juridique », Méta, vol 24 N°1, Mars 1979.
7-Michel sparer, « peut-on faire de la traduction juridique ? comment doit-on l’enseigner ? »Meta vol47n°2,juin 2002.
8– www.Google.es, ,la traduccion juridica, « didactica y aspetos textuales » Anabel borja albi, p 10
1J. Claud Gémar, la traduction juridique et son enseignement, aspect théorique et pratique, Méta, vol 24 N°1 Mars 1979,p 42
2 ابن منظور، لسان العرب، بالمحيط، المجلد 1 ، دار لسان العرب، بيروت، ص 316 .
3 ديداوي محمد، علم الترجمة بين النظرية و التطبيق، المركز الثقافي العربي، بيروت 2000 ، ص 384 .
4 www.Google.es, ,la traduccion juridica, « didactica y aspetos textuales » Anabel borja albi, p 10
5 Michel Sparer, « pour une dimension culturelle de la traduction juridique », Méta, vol 24 N°1, Mars 1979, p 92
6 محمد شهين نظريات الترجمة و تطبيقاتها في تدريس الترجمة، مكتبة دار الثقافة، عمان 1998، ص 83.
7J.C Gémar, traduction juridique et son enseignement, aspect théorique et pratique, opcit, p 42
8 قانون العقوبات، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية -وزارة العدل-الطبعة الثالثة، مطبوعات الديوان الوطني للأشغال التربوية،2001، المادة6، ص4.
9 Michel sparer, « peut-on faire de la traduction juridique ? comment doit-on l’enseigner ? »Meta vol47n°2,juin 2002,p274.
10 J.C. Gémar, opcit, traduction juridique et son enseignement, aspect théorique et pratique, p 47